السؤال التاسع[size=21]: [/size]
تكلم عن نظام القضاء الموحد (النظام الانجلو اميريكى )؟
الحل
يطلق البعض اصطلاح "النظام الأنجلو أمريكى" على نظام القضاء الموحد ، وذلك تأسيساً على أن انجلترا - وبعدها الولايات المتحدة - هى أول من أخذ بهذا النظام . وقد طبق هذا النظام فى انجلترا فعلاً ثم أخذته عنها الولايات المتحدة الأمريكية ، إلا أنه توجد دول أخرى - فى عالم اليوم - تأخذ بنظام القضاء الموحد ، مثل كندا ، أستراليا ، ألمانيا ، نيجيريا ، السودان ، العراق ، دولة الإمارات العربية المتحدة .
وقد اختلف رأى الفقه حول وجود قانون إدارى فى دول النظام الأنجلو أمريكى ، خصوصاً فى انجلترا: حيث ذهب البعض - انطلاقاً من أن القول بوجود قانون إدارى يتطلب وجود قضاء إدارى متخصص يطبق قانوناً مختلفاً عن القانون العادى - إلى القول بعدم وجود قانون إدارى فى انجلترا
ومن ثم يتميز النظام القانونى الموحد أو الأنجلو أمريكى بسمات خاصة، تجعله مختلفاً عن النظام الفرنسى أو نظام القضاء المزدوج (نظام القضاء الإدارى).
وسنقسم هذا المبحث إلى مطلبين :
المطلب الأول – سمات النظام الأنجلو أمريكى .
المطلب الثانى – تقدير النظام الأنجلو أمريكى .
أولاً : سمات النظام الأنجلو أمريكى:-
لما كان القانون يتضمن القواعد القانونية التى تحكم سلوك الأفراد فى حياتهم العامة والخاصة فى مجتمع معين فى وقت معين ، لذلك تتأثر القاعدة القانونية بالأوضاع التى تسيطر على هذا المجتمع . ومن ثم يكون طبيعياً تميز القواعد القانونية فى إنجلترا ، وتميز النظام القانونى الإنجليزى بسمات خاصة تجعله مختلفاً - فى بعض الأمور - عن سمات النظام القانونى الفرنسى .
فالمصدر العام والأول للقاعدة القانونية فى إنجلترا هو العرف ، ومن ثم يلعب العرف دوراً بارزاً فى نشأة وتطور القاعدة القانونية فى انجلترا .
حيث يتم التمييز بين نوعين من القوانين :
القانون العرفى : وهو القانون الغالب ، ويعد المصدر الأول للنظام القانونى الإنجليزى ، حيث يعتبر العرف مصدراً للقاعدة القانونية ووسيلة لتطورها وتعديلها .
القانون المكتوب : وهو مجموعة القواعد القانونية التى وردت فى المواثيق وإعلانات الحقوق أو صدرت فى شكل قوانين من البرلمان الإنجليزى ، وتزداد أهميته تدريجياً .
ويمكن تلخيص أهم سمات النظام الأنجلو أمريكى كما يلى :
أولاً - قواعد مسئولية الإدارة :
سادت - فى إنجلترا - قاعدة عدم مسئولية الإدارة عن أعمالها لفترة طويلة وحتى مشارف النصف الثانى من القرن العشرين ، وذلك استناداً إلى مبررين ، هما :
المبرر الأول : المبدأ المعروف باسم : الملك لا يخطئ ، ومن ثم تكون الدولة غير مسئولة عن أعمالها بسبب الخلط بين التاج والدولة .
المبرر الثانى: تكييف طبيعة العلاقة التى تربط بين الموظف والدولة ، حيث نظر إليها على أنها علاقة تعاقدية ، ومن ثم لا تكون الدولة مسئولة عن أعمال موظفيها التى تسبب ضرراً للغير لخروج هذه الأعمال عن حدود الوكالة التى تربط الموظف بالدولة ، وبالتالى تقرر مبدأ المسئولية الشخصية للموظف ، وإن كان العرف قد جرى على أن تقوم الدولة بدفع التعويض ليس كالتزام قانونى ولكن من باب العطف والرحمة .
وقد انتهى التطور إلى تقرير قاعدة جديدة تقرر مسئولية الدولة عن أعمالها ، وذلك بمقتضى القانون الصادر سنة 1947 والمعروف باسم قانون مقاضاة التاج ، حيث قدر مسئولية الدولة عن أعمالها كما لو كانت شخصاً عادياً.
وفى الولايات المتحدة الأمريكية حدث تطور مماثل لما حدث فى انجلترا، حيث تم العدول عن مبدأ عدم المسئولية وتقرير مبدأ مسئولية الدولة عن أعمالها فى حدود وبشروط معينة ، وذلك وفقاً لقانون صدر سنة 1946 وهو القانون المعروف باسم وإن كان هذا القانون قد تضمن قائمة طويلة بأعمال الإدارة التى تعتبر غير مسئولة عنها.
ثانياً - سلطة القاضى فى مواجهة الإدارة :
تحكم نظام القضاء الإدارى قاعدة أساسية مؤداها أن القاضى يحكم ولا يدير، بمعنى أن القاضى يصدر أحكاماً فقط فى حالة خروج قرارات الإدارة عن مبادئ المشروعية ، إلا أنه لا يملك إصدار أوامر للإدارة ، كما أنه لا يستطيع أن يحل محلها فى الإدارة ، فهو يملك فقط إلغاء القرار الإدارى أو وقف تنفيذه ، لكنه لا يستطيع تعديل القرار الإدارى ، كما أنه لا يستطيع إصدار أوامر للإدارة لتنفيذه على نحو معين .
والوضع مختلف تماماً فى إنجلترا خاصة والنظام الأنجلو أمريكى بصفة عامة : حيث يملك القاضى سلطات ضخمة فى مواجهة الإدارة ، فيستطيع القاضى - وهو بصدد نظر نزاع معين - أن يحكم على الموظف بعقوبة جنائية إذا كان الفعل المنسوب للموظف يكون جريمة جنائية ، كما يستطيع أن يحكم على الموظف بالتعويض إذا توافرت أركان المسئولية المدنية .
وفضلاً عما سبق ، يستطيع القاضى إصدار أوامر إلى الموظف، ليأمره بعمل شىء أو الامتناع عن عمل أو تعديل قرار معين :
يستطيع القاضي الإنجليزي إصدار أمر محدد للموظف بعمل شىء وهو ما يطلق عليه اصطلاح : الأمر بعمل شئ .
يستطيع القاضي الإنجليزي إصدار أمر إلى الموظف بالامتناع عن عمل شيء معين ، وهو ما يطلق عليه اصطلاح : الأمر بالامتناع عن عمل شيء .
يستطيع القاضي الإنجليزي أمر الموظف بتعديل قرار معين ، وهو ما يطلق عليه اصطلاح : الأمر بتعديل قرار إداري .
ولعل أهم ما يلفت النظر فى هذا الشأن هو تزايد دور القانون المكتوب في إنجلترا بحيث يصعب وصفها الآن بأنها دولة القانون العرفي: فتعددت مجالات تدخل المشرع الإنجليزي ، وازداد نطاق هذا التدخل بما يستجيب لتطورات المجتمع وحاجاته المتجددة .
وذلك فضلاً عن ظهور اللجان الإدارية ذات الاختصاص القضائي وتعاظم دورها وزيادة مجالات الأخذ به . كما أن النظام الإنجليزي يجيز إنشاء محاكم خاصة يمكن أن يكون منها محاكم خاصة بنظر بعض المنازعات الإدارية ، أى يمكن إنشاء محاكم إدارية ، وقد ظهر العديد من هذه المحاكم ، خصوصاً بعد الحرب العالمية الثانية ، مثل :
- المحاكم العقارية .
- محكمة براءات الاختراع .
- محكمة الضمان الاجتماعى .
- محاكم تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة .
وتجدر الإشارة إلى أن المحاكم الإدارية التى ظهرت فى إنجلترا وفى غيرها من دول نظام القضاء الموحد ، تختلف - بطبيعة الحال - عن المحاكم الإدارية فى ظل نظام القضاء المزدوج سواء من حيث التشكيل أو الاختصاصات أو طبيعة القرارات الصادرة عن كل منها.
ثانياً:- تقدير النظام الانجلو أمريكى
الأصل العام أن الكمال لله وحده سبحانه وتعالى ، ومن ثم فإن أى نظام بشرى لا بد وأن يعتوره النقص ، وتختلف حوله الآراء ، فيكون له مزايا فى نظر أنصاره ، ويكون له عيوب فى نظر منتقديه .
ومن ناحية أخرى ، عند تقدير نظام ما ، يجب الحكم عليه من منطلق مدى تحقيق الأهداف المحددة له من جانب ، ومدى ملاءمته لظروف الزمان والمكان الذى يطبق فيه ، من جانب آخر .
وبناء على ما سبق ، يمكن القول بوجود مزايا لنظام القضاء الموحد أو النظام الأنجلو أمريكى ، كما يمكن القول بوجود عيوب أو انتقادات لهذا النظام.
أولاً : مزايا النظام :
يحدد أنصار نظام القضاء الموحد مزاياه فيما يلى :
1- كفالة مبدأ المشروعية .
2- حماية الحقوق والحريات الفردية .
3- عدم تمتع الإدارة بأى امتيازات فى مواجهة الأفراد .
4- بساطة النظام .
ثانياً - عيوب النظام .
عدم تحقيق الحماية الكافية للحقوق والحريات .
اختلاف طبيعة المنازعات الإدارية .
غل يد الإدارة .
تدخل القضاء فى أعمال الإدارة .
السؤال العاشر: تكلم عن ضمانات اعضاء مجلس الدولة ؟
الحل
فى إطار نصوص دستور سنة 1971 التى تكفل استقلال القضاة فى أداء واجبات وظائفهم ، وأنهم مستقلون لا سلطان عليهم فى قضائهم لغير القانون ، ولا يجوز لأية سلطة التدخل فى القضايا وشئون العدالة . وأن القضاة غير قابلين للعزل، وتنظيم القانون مساءلتهم التأديبية . فى ظل هذا الإطار العام تضمن قانون مجلس الدولة حقوق وواجبات أعضاء المجلس .
حيث حددت رواتب أعضاء مجلس الدولة وفقاً للجدول الملحق بقانون المجلس ، وقد عدل جدول المرتبات أكثر من مرة لمواجهة التضخم وارتفاع الأسعار، وذلك طبقاً لأحكام القانون رقم 17 لسنة 1976 والقانون رقم 32 لسنة 1983 ، والقانون رقم 53 لسنة 1984 ، والقانون رقم 183 لسنة 1993، مع حظر تقرير مرتب بصفة شخصية أو تلقى معاملة استثنائية ، أى أن تعديل المرتبات لا يكون إلا بقانون ، وبناء على قانون .
وبصفة عامة ، يتمتع أعضاء مجلس الدولة بكل الحقوق المقررة للقضاة، كما يلتزمون بذات التزامات أعضاء السلطة القضائية المنصوص عليها فى القوانين واللوائح ، ولا يترتب على استقالة العضو سقوط حقه فى المعاش أو المكافأة ، كما لا يجوز خفضهما .
وطبقاً لأحكام القانون رقم 183 لسنة 1993 الصادر بتاريخ 17 أكتوبر سنة 1993 ، يحال أعضاء المجلس إلى المعاش بحكم القانون عند بلوغهم سن الرابعة والستين ، أسوة بأعضاء السلطة القضائية .وتتم الاحالة للمعاش ببلوغ سن الستين عاما , طبقا للتعديلات الاخيرة .
وتتمثل أهم الضمانات التى قررها القانون لأعضاء مجلس الدولة فيما يلى :
عدم القابلية للعزل :
تنص المادة 91 من قانون مجلس الدولة على أن أعضاء المجلس - من درجة مندوب فما فوقها - غير قابلين للعزل ، ويسرى بالنسبة لهم جميع الضمانات التى يتمتع بها رجال القضاء ، وتكون الهيئة المشكل منها مجلس التأديب هى الجهة المختصة فى كل ما يتصل بهذا الشأن .
وإذا فقد أحدهم الثقة والاعتبار أو فقد أسباب الصلاحية لأداء واجباته لغير الأسباب الصحية ، أحيل إلى المعاش أو نقل إلى وظيفة معادلة غير قضائية بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة مجلس التأديب .
نظام الإعارة :
أجاز القانون إعارة عضو مجلس الدولة ، للقيام بأعمال قضائية أو قانونية للحكومات الأجنبية أو للهيئات الدولية ، بقرار من رئيس الجمهورية بعد موافقة المجلس الخاص للشئون الإدارية .
على أنه يشترط ألا تزيد مدة الإعارة للخارج عن أربع سنوات متصلة ، ويجوز زيادة المدة إذا اقتضت ذلك مصلحة قومية يقدرها رئيس الجمهورية .
نظام تأديب أعضاء المجلس :
قرر القانون ضمانات هامة فى مجال تأديب أعضاء مجلس الدولة ، حيث جعل تأديبهم من اختصاص مجلس التأديب المشكل كما يلى :
× رئيس مجلس الدولة رئيســاً
× ستة من نواب رئيس المجلس حسب ترتيب الأقدمية أعضاء
وعند خلو وظيفة رئيس المجلس أو غيابه أو وجود مانع لديه ، يحل محله الأقدم فالأقدم من نوابه ، وكذلك الأقدم ومن يليه بالنسبة لأعضاء المجلس.
وتقام الدعوى التأديبية من نائب رئيس مجلس الدولة لإدارة التفتيش الفنى، بناء على تحقيق جنائى أو تحقيق إدارى يتولاه أحد نواب رئيس المجلس بالنسبة للمستشارين ، ويتولاه مستشار بالنسبة لباقى الأعضاء .
ويجب أن تتضمن عريضة الدعوى التهمة والأدلة المؤيدة لها ، وأن يعلن العضو للحضور ، وجلسات المحاكمة سرية ، ويحضر العضو بنفسه وله أن ينيب أحد أعضاء مجلس الدولة للحضور نيابة عنه ، ويجب أن يكون الحكم مشتملاً على أسبابه .
والعقوبات التى يجوز توقيعها عند ثبوت التهمة هى : اللوم أو العزل . ويكون الحكم نهائياً ، غير قابل للطعن فيه بأى طريق من طرق الطعن .
على أن الدعوى التأديبية تنقضى باستقالة العضو أو إحالته إلى المعاش ، دون تأثير على الدعوى المدنية أو الدعوى الجنائية الناشئة عن الواقعة ذاتها ، وذلك رغبة من المشرع فى الحفاظ على سمعة القضاء ، وصون هيبته .
ومن ناحية أخرى تختص دائرة شئون الأعضاء بالمحكمة الإدارية العليا بالفصل فى الطعون والطلبات الخاصة بأعضاء مجلس الدولة ، سواء طلبات إلغاء القرارات المتعلقة بهم ، أو طلبات
التعويض عنها .