المبحث الثاني
حادث العمل
تعريفه :
طبقا لنص قانون التأمين الاجتماعي هو الإصابة الناتجة عن حادث يقع للعامل المصاب أثناء أداءه لعمله أو بسببه .
شروطه وعناصره :
وقد حددها القضاء المصري فيما يلي:
1- صفة المفاجأة:
ويقصد بها فجائية حدوث الفعل أو الواقعة المؤدية إلي الإضرار بالعامل ، أي المسببة لإصابته مثل انفجار جهاز أو سقوط العامل من فوق آله يعمل عليها ، ولهذا ينتفي شرط المفاجئة إذا كان العامل علي علم بالخطر ومع ذلك عرض نفسه لمصدره ، مما أدي إلي إصابته مثل إدراك العامل وجود خلل كهربائي بآلته ومع ذلك استخدامها قبل إصلاحها.
2- المصدر الخارجي للإصابة :
أي أن تكون إصابة العامل بالضرر بسبب فعل قوى خارجية عن جسمه ، وليس بسبب ظروف صحية أو حالة داخلية خاصة به مثل وفاة العامل بأزمة قلبية بسبب مرض سابق أصيب به يتنافي مع هذا الشرط.
ويتساوى أن يكون المصدر الخارجي للإصابة ماديا كأن تكون إصابة العامل بسبب استخدامه آلة معينة أو يكون المصدر معنويا مثل وفاة العامل أو انهياره عصبيا لإصابته بذعر شديد نتيجة اندلاع حريق بمكان عمله ، ومع ذلك تتجه نظم التأمينات الحديثة وأغلبية الفقه المصري إلي عدم الاعتراف بهذا الشرط لغموضه وكذا لما يترتب عليه من تضييق لنطاق الحماية التأمينية للعامل والتي يجب تمديدها لتشمل كافة حوادث العمل المحتملة حتى لو ارتبط وقوعها بظروف داخلية أو صحية خاصة بالعامل المصاب مثلما يحدث حينما تقطع أحد أطرافه أثناء استخدامه للآلة بسبب سوء تقديره أو لضغوط نفسية مما أدي إلي اختلال توازنه الشخصي وإصابته ، وهو ما كان يجب تكيفه كحادث عمل يستوجب الحماية التأمينية للعامل رغم أن وقوع هذا الحادث كان بسبب نفسي خاص بالعامل المصاب .
3- الإضرار بجسم العامل خارجيا أو داخليا :
وبمقتضى هذا الشرط يتعين أن تحدث الإصابة بجسد العامل بحيث تصيبه بضرر خارجي مثل إصابته بجروح أو كسور أو تصيبه بضرر داخلي كحدوث نزيف بداخل جسده أو تعرضه لاختلال عقلي أو انهيار عصبي ...الخ ، أما إذا لحق الضرر أموال العامل أو ملابسه فإنه لا يعد حادث عمل لانتفائه هذا الشرط المذكور ، وبالتالي لا يستحق العامل الحماية التأمينية لإصابة العمل .
4- علاقة السببية بين الحادث والإصابة :
ونعني بهذا الشرط حالتي إذا كانت إصابة العامل ناتجة عن حادث وقع له أثناء تأديته لعمله (الحالة الأولي) أو بسبب هذا العمل ( الحالة الثانية ).
وبالنسبة للحالة الأولي يعد الحادث وقع أثناء العمل إذا تم في مكان وزمان العمل وهو ما يتحقق في حالة تعرض العامل للحادث أثناء تواجده في الموقع وخلال الوقت الذي يقوم فيه هذا العامل بالعمل المكلف به ، حيث يكون العامل حينئذ تحت إشراف ورقابة صاحب العمل التابع له ، ولهذا يفترض المشرع أن الحادث الذي وقع لهذا العامل تم أثناء عمله بمقتضى قرينة قانونية لا تقبل إثبات العكس ، ولذلك يفترض تحقق علاقة السببية قطعا بين الحادث والعمل بحيث لا يتطلب من العامل إثباتها كما لا يقبل من الغير نفيها .
وبالنسبة للحالة الثانية تعد الحوادث التي تقع للعامل خارج زمان عمله حوادث عمل إذا ارتبطت بعلاقة سببية مع هذا العمل بحيث يمكن القول أنه لولا قيام العامل بهذا العمل ما وقعت هذه الحادثة ولاحقته تلك الإصابة ٬ بمعني أن يكون العمل هو السبب الحقيقي الرئيسي لذلك .
وعليه اعتبر إصابة عمل وقوع الحادث للعامل في أحد ملحقات منزله حيث كان يبحث عن البنزين اللازم لتزويد الموتوسيكل الخاص به الذي كان يستخدمه في أداء مهمة مكلف بها من قبل صاحب العمل وكان يتقاضى مقابل خاص نظير استخدامه هذا الموتوسيكل في قضاء مهام عمله .
فإذا ما تعددت أسباب الحادث المؤدي لإصابة العامل فينبغي أن يكون العمل في حد ذاته سببا كافيا أو السبب الرئيسي لوقوع ذلك الحادث وتلك الإصابة ، كأن يذهب العامل إلي بلد آخر لأداء عمل مكلف به بمقتضى تعاقده مع صاحب العمل وأثناء تناوله غذائه بأحد المطاعم يتعرض للقتل أو الإصابة بسبب اندلاع حريق بهذا المكان ، فإن ذلك يعد حادث عمل يستحق العامل بمقتضاه الحماية التأمينية لإصابة العمل.
أما إذا كان تواجد العامل بذلك المكان بسبب رئيسي آخر بخلاف عمله مثل قيامه بجولة سياحية خارج المنطقة أو البلد المكلف بالعمل فيها فإن ما يلحق به من إصابات كالمشار إليها لا يعد حادث عمل لانتفاء علاقة السببية بين العمل والحادث .
ويكتفي لتوفر علاقة السببية أن تكون مباشرة أو غير مباشرة وهو ما يتحقق إذا كان يمكن القول أنه لو العمل لما كان الحادث وما وقعت الإصابة وينطبق ذلك إذا ما أصاب العامل بسبب خلافات نقابية أو للاعتداء عليه خارج زمان ومكان أداء العمل بسبب اعتقاد المعتدي أن هذا العامل قد أهمل في إنهاء مصالحه لدي جهة العمل .
المبحث الثالث
إصابة الإجهاد من العمل
تعريفها وأهمية حمايتها تأمينيا :
طبقا لنص قانون التأمين الاجتماعي العام الحالي تعد إصابة العامل الناتجة عن الإجهاد في العمل إصابة عمل يستحق العامل بمقتضاها الحماية التأمينية المقابلة إذا ما توفرت فيها الشروط التي يتضمنها القرار الوزاري المختص الصادر بشأن تنظيمها .
وتعد هذه الإصابة مستحدثة في القانون الحالي لتوفر مبررات حمايتها باعتبار أن العامل المصاب بها أولي بالرعاية باعتبار أن إصابته هذه كانت بسبب التزامه وتفانيه الشديد في أداء عمله .
الأمر الذي يقتضي توفير أقصى حماية تأمينية له بما يضمن سلامته ويحافظ علي مصالح صاحب العمل والمجتمع ككل التي تقتضي رعاية العمالة المخلصة المنتجة باعتبارها دعامة أي تقدم واستقرار داخل الدولة .
شروط إصابة إجهاد العمل وتقييمه:
طبقا للقرار الوزاري المختص المشار إليه تتلخص هذه الشروط في الآتي :
× الشرط الأول : أن يقل سن العامل المصاب عن ستين عاما :
افترض المشرع المصري أن إصابة العامل بسبب إرهاقه في العمل بعد سن الستين يعد نتيجة طبيعية لضعف قدراته الجسدية والذهنية ببلوغه هذه المرحلة العمرية.
وهو شرطا منتقد بإجماع الآراء ، لأنه من المحتمل طبياً وعملياً أن تكون مثل هذه الإصابة ليست بسبب المرحلة العمرية ولكن بسبب تفاني العامل في أداء عمله إلي درجة أدت إلي إجهاده ومن ثم إصابته ٬ ما يستوجب حمايته التأمينية كغيره في الحالات المماثلة للعاملين دون سن الستين خاصة وأن هناك فئات تعمل بعد هذا السن بمقتضى نص القانون المحدد لسن تقاعدها ، بل أن عطاء العامل بعد تجاوزه الستين قد يفوق في دقته ونتائجه نظيره من العاملين الأقل عمرا .
كما أنه لا يجوز بالاستناد إلي عامل السن في هذا الشأن التفرقة بين الاثنين في الحماية التأمينية المقررة لكل منهما لتساوي مراكزهما القانونية مما يوجب تماثل حقوقهما .
هذه بالإضافة إلي أنه لا يخشى حدوث خلط بين إصابة الإجهاد وأمراض الشيخوخة ، حيث يسهل التمييز بينهما بالرجوع إلي الجهات الطبية المختصة .
وأخيرا أن الحماية التأمينية لإصابة العامل الناتجة عن إجهاده في العمل ترتبط أساسا بالعمل الذي يقوم به وليست بسنه فإذا ما توفرت شروط استحقاق هذه الحماية لوجب استفادة العامل من التأمين المقرر لها بغض النظر عن ما إذا كان عمره يقل أو يزيد عن الستين عاما ٬ كما أن مبادئ وهدف التأمين الاجتماعي تقتضي شمول العامل الذي بلغ سن الستين بالحماية ٬ إلا إذا كانت إصابته بسبب الإجهاد .
× الشرط الثاني : بذل مجهود غير عادي:
وبمقتضاه يتعين أن يكون سبب إصابة العامل قيامه بجهد إضافي يفوق الجهد العادي الذي يبذله في إنجاز عمله ، ويعتد في هذا الشأن بمعيار شخصي ، حيث ينظر إلي الظروف الصحية والجسمانية للعامل نفسه دون قياسه علي ظروف أي عامل آخر ولو كان في موقع عمل مماثل .
ويشمل الإجهاد في هذا الشرط الإجهاد الجسدي أو العصبي أو الذهني .
× الشرط الثالث : التكليف بعمل إضافي في وقت محدد يقل عن المعتاد أو بالإضافة إلي العمل الأصلي:
يعني هذا الشرط أن العامل المصاب لم يكون متطوعاً للقيام بالعمل الذي كان سبب في إجهاده ومن ثم إصابته وإنما كان مكلفاً بأدائه في وقت محدود يقل عن الوقت المفروض أو المعتاد لإنجازه أو أن يكون ذلك العمل قد أضيف إلي العمل الأصلي للعامل الذي تعين عليه أداء الاثنين معا في ذات الوقت المحدد الذي لا يكفي لإنجازهما معا .
ويجب نقد هذا الشرط في شقة الأول الخاص يتوفر صفة التكليف إذ كان يتعين استحقاق العامل للحماية التأمينية حتى لو كانت إصابته بسبب الإجهاد ناتجة عن تطوعه بأداء العمل أي لم يكن مكلف به مادام أن هذا العمل كان ضروري ، فلاشك أن مثل هذا العامل المتطوع يستحق المكافأة أو علي الأقل الحماية التأمينية إذا ما تعرض للإصابة بسبب إجهاده في أداء هذا العمل المهم ، وليس العكس كما سلك المشرع المصري حينما اشترط أن يكون العامل المصاب بسبب إرهاقه في العمل مكلفا وليس متطوعا ، حيث يعد ذلك مسلك ظالم ومحبط لإرادة التفاني والعطاء لدي القوي العاملة المنتجة والمخلصة مما يضر بمصالحها وحقوقها وكذا بمصالح العمل ذاته وصاحبه بل والمجتمع ككل .
وهو ما يتعين تصويبه بسرعة بتبني التعديل التشريعي المناسب والعادل .
× الشرط الرابع : تحقق علاقة السببية المباشرة بين الإجهاد من العمل والحالة المرضية:
بمعني أن يكون إرهاق العامل في أداء هذا العمل هو السبب الحقيقي أو الرئيسي لإصابته ، حتى تتوفر علاقة السببية بينهما الموجبة للحماية التأمينية ، وهو ما تقرره الهيئة المختصة بالعلاج ٬ و يعد ذلك شرطا هاما تفرضه القواعد القانونية واعتبارات العدالة ومبادئ التأمين الاجتماعي .
× الشرط الخامس : أن تكون الفترة الزمنية للإجهاد كافية لحدوث الإصابة المرضية:
وهو ما تقرره الجهة المختصة بالعلاج ٬ حيث لا يشترط أن يكون الإرهاق فجائيا .
× الشرط السادس: أن تكون الإصابة ذات أعراض مرضية حادة:
أي أن تكون أعراض الإصابة الناتجة عن الإجهاد واضحة ومؤكدة مع مراعاة أنها قد لا تظهر بسرعة ، وإنما ببطء وبالتدريج حسب طبيعة المرض واستعداد المريض وحالته .
× الشرط السابع: الإصابة بأمراض معينة:
حددها القرار المختص علي سبيل الحصر في الآتي :
1- نزيف المخ وانسداد شريانه .
2- انسداد الشريان التاجي .
وهذا الشرط منتقد من كافة الأوساط الطبية والعملية والقانونية لما يعنيه من تضييق نطاق الحماية التأمينية وإجحاف بحقوق العامل المجتهد المتعرض للإصابة بسبب إجهاده في العمل والتي يمكن أن تختلف عن هذين المرضين .
لاسيما مع تطور وتنوع الأمراض الناتجة عن تزايد تلوث البيئة واستخدام وسائل تقنية أكثر تعقيد وخطورة ، مما كان يستوجب توسيع نطاق هذه الحماية لتشمل كافة الإصابات والأمراض المحتمل التعرض لها بسبب إجهاد العمل ، وعدم حصرها في اثنين كما فعل المشرع المصري ، وهو ما يقتضي إلغاء أو علي الأقل تعديل هذا الشرط بما يتفق مع مبادئ وأهداف التأمين الاجتماعي ويحقق مصالح العمل والعامل والمجتمع علي حدا سواء .
× الشرط الثامن: ألا تكون الحالة المرضية ناتجة عن مضاعفات أو تطور حالة مرضية سابقة:
بمعني أن تكون إصابة العامل لا ترجع إلي مرض سابق يعاني منه العامل المصاب وإنما ناتجة عن إجهاده في أداء العمل .
ويري تشدد المشرع بفرض هذا الشرط ومن ثم تضييقه لنطاق الحماية التأمينية المتعين توفيرها والتوسع فيها لصالح العامل المصاب بسبب إجهاده في العمل باعتباره الطرف الضعيف الأولي بالرعاية خاصة في مثل هذه الإصابات .
وإجمالا يمكن القول أن المشرع الاجتماعي المصري قد أحسن من حيث المبدأ بفرض الحماية التأمينية لإصابة العمل الناتجة عن الإجهاد ولكن جانبه الصواب ، في بعض الشروط التي فرضها لاستحقاق هذه الحماية وهو ما يجب سرعة تصويبها لاسيما في مرحلة الإصلاح الحالية الواجب انجازها .
المـبحث الرابع
حـادث الطريق
تعريفه :
طبقاً لنص قانون التأمين الاجتماعي هو كل حادث يسبب إصابة للعامل أثناء فترة ذهابه لعمله أو عودته منه ٬ علي أن يكون الذهاب أو الإياب دون توقف أو تخلف أو انحراف عن الطريق الطبيعي .
شروط حادث الطريق كإصابة عمل:
يستخلص من النص السابق وكذا رأي الفقه وأحكام القضاء شروط معينة يتعين توفرها في حادث الطريق حتى يعتبر إصابة عمل وتستحق الحماية التأمينية المقابلة لهذه الإصابة .
وعليه نوجز هذه الشروط في الآتي:
× الشرط الأول إصابة العام نتيجة حادث يقع له في طريق العمل:
ويقتضي هذا الشرط توفر عنصرين:
العنصر الأول: إصابة العامل نتيجة حادث:
وهو ما يعني تحقق شروط حادث العمل وهي أن يكون الحادث فجائي ، ناتج عن مصدر خارجي ، مؤدي إلي الإضرار بجسم العامل ، وهي تلك الشروط السابق توضيحها ولذا نحيل عليها .
كما يجب ألا يرجع الحادث إلي تعمد العامل المصاب أو إلي خطأه الجسيم كقاعدة عامة تقبل الاستثناء اللاحق بيانه .
العنصر الثاني: وقوع الحادث في طريق العمل:
ويقصد بطريق العمل وقوع الحادث أثناء ذهاب العامل إلي عمله أو عودته منه ٬ وهو ما يعني الاعتداد أساسا بمعيار زمني هو زمن رحلة العمل ذهابا وإيابا ، بجانب معيار مكاني مكمل له وهو مكان هذا العمل .
وعليه بمقتضى المعيار الزمني يشترط وقوع الحادث أثناء الذهاب للعمل أو العودة منه ، ويسهل تطبيق هذا المعيار إذا وقع الحادث للعامل خلال توجهه إلي مكان عمله ٬ حيث يعتبر في هذه الحالة قد وقع في طريق عمله .
ولكن تثار الصعوبة في حالة إذا ما وقع الحادث للعامل أثناء رحلة العودة من عمله ، فما هو المكان الذي ينتهي عنده طريق العمل ؟
يري البعض أن طريق العمل في رحلة العودة يتحدد في طريق العامل إلي منزله الذي اعتاد القيام به ٬ فإذا ما وقع الحادث أثناء عودة العامل من عمله وذهابه إلي مكان آخر مثل منزل صديقه أو نادي فإن الحادث لا يعد قد وقع أثناء رحلة عودة العامل من عمله ، وبالتالي لا يعتبر قد وقع في طرق العمل ولا يحسب حادث عمل .
ويري البعض الآخر خلاف ذلك ، بحيث يعد الحادث قد وقع في طريق العمل إذا تعرض له العامل ثناء خروجه من العمل وذهابه إلي أي مكان آخر ٬ سواء كان منزله أو خلافه ٬ وهذا الرأي أولي بالترجيح ٬ لأنه يتفق مع عموم صياغة النص التشريعي السابق ذكره ٬ كما يضمن توسيع نطاق الحماية التأمينية لهذا النوع من المخاطر بما يتفق مع مبادئ وأهداف نظام التأمين الاجتماعي .
علما بأنه إذا وقع الحادث أثناء الزمن العادي الذي تستغرقه رحلة الذهاب إلي العمل أو العودة منه ٬ فإن العامل يعفي من عبء إثبات أن الحادث وقع خلال زمن رحله الذهاب أو العودة .
أما إذا زاد زمن هذه الرحلة عن الوقت المعتاد يتعين علي العامل إثبات أن الحادث قد وقع له أثناء زمن الرحلة٬ وأن الزيادة في المدة ترجع إلي قوة قهرية ، كأن يثبت أن سبب ذلك يرجع إلي تعطل وتوقف وسيلة انتقاله.
وعليه إذا وقع الحادث للعامل خارج النطاق الزمني لرحلة الذهاب والعودة من العمل فإنه لا يعد قد وقع في طريق العمل ومن ثم لا يعتبر حادث طريق لانتفاء ذلك الشرط ، كأن يقع الحادث أثناء قيام العامل بالأعمال التحضيرية السابقة أو اللاحقة لهذه الرحلة ٬ كأن يتعرض العامل للحادث المؤدي لإصابته وهو داخل حجرته أو قبل مغادرته لمنزله ٬ أما إذا وقع له الحادث بعد مغادرته المنزل مثل حدوثه داخل المصعد مثلا أو أثناء نزوله السلم عند توجهه إلي العمل فإن هذا الحادث يعد قد وقع أثناء رحلة الذهاب للعمل .
× الشرط الثاني: وقوع الحادث بالطريق الطبيعي للعامل:
لم يضع المشرع معيار لتحديد هذا الطريق ولذا تعددت الآراء بشأنه .
فذهب البعض إلي الاعتداد بالمعيار الموضوعي وبمقتضاه يعد الطريق الطبيعي هو الطريق المألوف الذي يسلكه الإنسان العادي وهو الطريق الأكثر يسر وأمان ، بينما يأخذ البعض الأخر بالمعيار الشخصي حيث يعتد بوجهة نظر العامل وظروفه الشخصية في تحديد الطريق الطبيعي الذي يسلكه في رحلة عمله ، أما الرأي الثالث وهو الأجدر بالترجيح ٬ فيأخذ بالمعيارين الشخصي والموضوعي وبمقتضاه يكون الطريق الطبيعي هو الطريق الآمن والأيسر في ظل الظروف الموضوعية والشخصية للعامل ٬ وهو ما يخضع في تقديره لسلطة قاضي الموضوع ، وعليه مثلا يكون لبطريق الطبيعي للعامل من ذوي الاحتياجات الخاصة يختلف عن نظيره العامل العادي .
وفي جميع الأحوال إذا كان لا يعتد بوسيلة انتقال العامل في تحديد هذا الطريق ألا أنه يتعين أن تكون هذه الوسيلة مألوفة وغير خطيرة ٬ وإلا فقد العامل الحماية التأمينية إذا ما تعرض للإصابة بسبب حادث وقع له في طريق عمله لاستخدامه وسيلة انتقال غير معتادة وغير أمنه .
انتفاء عوارض الطريق:
طبقا للنص التشريعي السابق يشترط عدم توقف أو تخلف أو انحراف العامل عن الطريق الطبيعي الذي يسلكه٬ أي انتفاء عوارض الطريق ٬ وهو ما نتناوله بإيجاز فيما يلي :
1) التوقف أو الانحراف الزماني :
ويقصد به كف العامل عن السير لفترة من الوقت لسبب عارض ٬ مثل توقفه للحديث مع صديقه مما يؤدي إلي إطالة الفترة الزمنية المعتادة بسبب توقفه هذا لاعتبر ذلك عارض مانع من استحقاقه الحماية التأمينية المقابلة لحادث الطريق .
2) الانحراف المكاني:
ويقصد به أن يسلك العامل طريق آخر غير الذي اعتاده في رحلة ذهابه لعمله أو عودته منه ٬ حتى ولو لم يؤدي ذلك الانحراف المكاني إلي إطالة المدة الزمنية لهذه الرحلة .
فإذا ما تعرض العامل لحادث بعد انحرافه وتعديل مساره اعتبر ذلك عارض طريق يخرجه عن النطاق المكاني لرحلة عمله وبالتالي يفقده الحماية التأمينية لحادث الطريق .
3) التخلف :
يتعذر تحديد معناه تشريعيا ٬ ولذا فسره الفقه بأنه يعني مفهوم مزدوج يفيد توقف العامل زمنيا وكذا انحرافه مكانيا عن الطريق الطبيعي ٬ ولهذا ينتقد هذا العارض الذي نص عليه المشرع المصري لعدم الحاجة إليه ، حيث كان يكفي النص علي التوقف أو الانحراف ٬ لأنه لو تحقق أي منهما لكان ذلك كافياً لخروج العامل عن الطريق الطبيعي .
4) الاعتداد بالباعث المسبب لحدوث عارض الطريق :
من المتفق عليه أن مجرد حدوث أي عارض مما سبق ذكره لا يؤدي إلي حرمان العامل المصاب من الحماية التأمينية إذا كان الباعث وراء توقف أو انحراف أو تخلف العامل هو قضاء حاجة ضرورية هامه ، مثل شراء دواء أو قضاء فريضة الصلاة وغيرها ٬ فإذا ما تحقق مثل ذلك الباعث وأصب العامل بسبب حادث وقع له بعد أن واصل سيرة علي الطريق الطبيعي ٬ لاعتبرت إصابته حادث طريق واستحق بمقتضاها الحماية التأمينية المقررة بإصابة العمل .
× أولاً: حقوق العامل المصاب حيال صاحب العمل:
وتتلخص أساساً في الآتي :
4) تقديم الإسعاف الأولي للمصاب.
5) نقله إلي جهة العلاج المختصة .
6) بالنسبة لغير العاملين في الحكومة أو القطاع العام يتم إبلاغ الشرطة عن حادث إصابة العامل خلال 48 ساعة من تاريخ تغيبه وذلك لإجراء التحقيق اللازم لإثبات الحادث وكذا إخطار الهيئة العامة للتأمين والمعاشات حتى تقوم بأداء التزاماتها التأمينية .
العقوبة ومقدارها :
وفي حالة مخالفة صاحب العمل للالتزامات السابقة وبالتحديد الثاني والثالث نص المشرع بقانون التأمين الاجتماعي المذكور علي توقيع عقوبة الغرامة عليه بحد أدني 100 قرش وأقصى 1000 قرش .
ومن الواضح تدني هذه العقوبة وعدم تناسبها مع جسامة المخالفة التي يرتكبها صاحب العمل والتي قد تحدث أضرار بالغة بصحة العامل يمكن أن تصل إلي حد إنهاء حياته أو عجزه .
الأمر الذي يهدد أمنه ومعيشة أسرته إلي غير ذلك من أضرار تخل بالمصلحة العامة والخاصة المشروعة وباعتبارات العدالة ، كما تتعارض مع القواعد القانونية العامة وأهداف التأمين الخاصة وهو ما يجب تصويبه تشريعيا بتبني الجزاء العادل والرادع .
7) صرف الأجر المستحق للعامل عن يوم الإصابة .
عد جواز إنهاء صاحب العمل خدمة العامل المصاب بسبب العجز الناتج عن إصابته ٬ إلا بعد إثبات ذلك العجز ونسبته بمعرفة الهيئة المختصة ٬ وبشرط عدم وجود عمل آخر للعامل المصاب بالعجز لدي صاحب العمل .
× ثانياً: حقوق العامل حيال الهيئة التأمينية:
والتي تتحدد أساسا فيما يلي:
المزايا العينية والخدمية (الرعاية الطبية والعلاجية ).
تلتزم الهيئة بتقديم العلاج اللازم للمصاب علي نفقتها في المكان الذي تعينه حتى يتم شفاءه أو يثبت عجزه أو تحدث وفاته ويشمل العلاج كل ما يحتاجه العامل المصاب من رعاية طبية وعلاجية ٬ متضمنة أيضا الأجهزة التعويضية والعلاج الطبيعي والتأهيل المهني إذا احتاجت حالته .
حق التحكيم الطبي أو اللجوء للقضاء العادي .
تلتزم جهة العلاج بإخطار العامل المصاب انتهاء علاجه بالشفاء أو نسبة العجز التي تخلفت لديه بسبب إصابته ، حيث يحق لهذا العامل تقديم بطلب بإعادة النظر في القرار الصادر من هذه الجهة ، كما يجوز له منازعتها أمام لجنة التحكيم الطبي فيما يتضمنه قرارها بشأن تشخيص مرضه أو انتهاء علاجه أو نسبه غيره .... الخ .
وتفصل اللجنة في المنازعة المعروضة أمامها بقرار نهائي ملزماً للطرفين العامل وجهة العلاج وعندئذ يسقط حق العامل في اللجوء للقضاء لإعادة الفصل في ذلك النزاع ، بينما يظل حقه في التقاضي قائماً في حالة عدم اللجوء إلي التحكيم .
المزايا المادية النقدية .
1- تعويض الأجر:
إذا أدت إصابة العامل إلي توقفه عن عمله ٬ ومن ثم فقدانه أجره فإن علي الهيئة المختصة منحه ما يسمي بتعويض الأجر طوال فترة انقطاعه عن العمل بسبب إصابته ويحسب من اليوم التالي لوقوع الإصابة .
ويتم صرف هذا التعويض طوال مدة إصابة العامل وتوقفه عن أداء عمله وذلك حتى يتم شفاءه أو يثبت عجزه أو تحدث وفاته ، كما ينتهي استحقاقه لتعويض الأجر ببلوغه سن التقاعد القانوني أو بالاستقالة .
2- المعاش الإصابي :
وهو مبلغ نقدي معين يصرف بانتظام في حالة وفاة العامل المصاب إلي المستحقين عنه بينما يصرف للعامل شخصيا إذا أدت إصابته إلي عجزه عجزا مستديم كاملا أو جزئيا بنسبة 35% فأكثر ، وتقدر قيمة هذا المعاش طبقا لنسب قانونية معينة .
3- تعويض الدفعة الواحدة :-
وهو مبلغ نقدي يصرف مرة واحدة للعامل المصاب في حالة إصابته بنسبة عجز مستديم جزئي تقل عن35%.
- إعادة فحص وتقدير عجز العامل المصاب .
ويتم ذلك خلال الأربع سنوات الأولي من تاريخ ثبوت عجز العامل الناتج عن إصابة العمل وذلك حتى يعاد تقدير مستحقاته التعويضية إذا ما تغيرت نسبة عجزه .
فإذا تخلف العامل المصاب عن الفحص الطبي دون عذر مقبول يوقف صرف معاشه حتى يتقدم مرة أخري للجهة المختصة بإعادة الفحص .
4- حق الجمع بين المعاش الإصابي وحقوق مالية أخرى.
يجوز للعامل في إصابة العمل الجمع بين الحقوق الآتية :
1) حق المؤمن عليه في معاش الإصابة وأجره أو تعويض البطالة بدون حدود .
2) الحق في معاش الإصابة ومعاش الشيخوخة والعجز والوفاة في الحدود المنصوص عليها بقانون التأمين الاجتماعي .
3) الحق في معاش القوات المسلحة ومعاش الإصابة وفقاً لأحكام القانون المنظم لذلك .
4) قرر مجلس الدولة حق العامل في مرتبه ومعاش العجز باعتبار أن الأخير تعويض عما أصابه من ضرر بسبب إصابته ٬ وبالتالي لا يحل محل المرتب بخلاف المعاش العادي .
حرمان العامل المصاب من التعويض النقدي مع احتفاظه بحق العلاج:-
يحرم العامل المصاب من تعويض الأجر و تعويض الإصابة سواء كان معاش أو تعويض دفعة واحدة ٬ في الحالات الآتية :-
1- إذا تعمد إصابة نفسه .
2- إذا حدثت الإصابة بسبب سلوك فاحش ومقصود من جانب المصاب ٬ ويعتبر في حكم ذلك كل فعل يصدر عنه تحت تأثير الخمر والمخدر .
3- مخالفة التعليمات الوقائية المعلن عنها في أماكن ظاهره بمقر عمل العامل .ويشترط لحرمان المصاب ألا ينشأ عن الإصابة وفاته أو عجزه بنسبة تزيد عن 25% .وفي جميع الأحوال لا يحرم العامل من حق العلاج حيث يقتصر الحرمان علي التعويضات النقدية فحسب.
4- التعويض التكميلي لتغطية كامل ضرر العامل المصاب .
من المسلم به أن التعويضات النقدية التي قررها قانون التأمين الاجتماعي لإصابات العمل يتم تقديرها بشكل جزافي لا يغطي الضرر الحقيقي الذي لحق بالعامل ، ولهذا حاول المشرع الاجتماعي المصري بهذا القانون معالجة ذلك القصور بتبني القواعد الآتية :
1) مسئولية هيئة التأمينات أو الجهة المختصة بأداء كافة الحقوق العلاجية والطبية للمصاب حتى لو كانت إصابته ترجع إلي قوى قهرية أو سبب مجهول أو للغير أو للمصاب نفسه.
2) مسئولية صاحب العمل في دفع تعويض مكمل للعامل لجبر كامل ضرره .
وذلك في حالة ما إذا كانت إصابة هذا العامل ناتجة عن خطأ صاحب العمل الجسيم أو البسيط ٬ أو سواء كان صادراً عن هذا الأخير شخصيا أو عن تابعة لقيامه بعمل غير مشروع أثناء تأدية وظيفته لدي صاحب العامل أو بسببها .
3) مسئولية الغير في دفع التعويض المكمل لتغطية ضرر العامل المصاب .
في حالة ما إذا كانت هذه الإصابة بسبب خطأ الأول وذلك إعمالا لقواعد المسئولية المدنية التقصيرية إذا ما توفرت شروطها و أركان تطبيقها .
4) تقادم دعوى المصاب بحقوقه التأمينية وغير التأمينية .
أن كافة حقوق المؤمن عليه الناشئة عن قانون التأمينات الاجتماعية من معاش وتعويضات وخلافه تسقط بالتقادم الخمسي ٬ بخلاف حقوقه كعامل الناشئة عن عقد العمل مثل مكافأة نهاية الخدمة وغيرها فإنها تسقط بالتقادم الحولي ٬ أي بمرور سنة من تاريخ انتهاء العقد ، أما الحقوق المدنية للعامل المصاب فإنها تسقط طبقاً لقواعد التقادم المدني الخاضعة لها.